ما هي مضادات التأكسد؟ وهل هي حقاً مفيدة؟ وما هو أفضل مصدر للحصول عليها من الطعام أم من مُضادات التأكسد؟ وهل العسل يحتوى على مضادات الأكسدة؟ ستغطي هذه المقالة كل هذا وأكثر من ذلك..
ما هي مضادات الأكسدة؟
دعونا نرى ما هو الأكسدة أولا.
الأكسدة هي تفاعل كيميائي يمكن أن ينتج عنه جذور حرة، مما يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات التي قد تتلف الخلايا. مضادات الأكسدة (مثل فيتامين سي) تنهي هذه التفاعلات المتسلسلة.
تساعد مضادات الأكسدة الموجودة بالفواكه والخضار والعسل على حماية جسمك من تلف الخلايا الناتج من الجذور الحرة التي تساهم بالظهور المُبكر لعلامات الشيخوخة والعديد من الأمراض، مثل؛ السرطان وأمراض القلب، وتُشير الأبحاث إلى أن المركبات الكيميائيّة النباتيّة المضادة للأكسدة الموجودة في العسل الخام والتي تسمى بوليفينول قد تلعب دورًا في الوقاية من أمراض القلب.
هل يجب تناول مضادات الأكسدة كمكملات غذائيّة؟
تلعب الإعلانات دوراً مهماً في السيطرة على عقولنا، فهي كما يخبرنا المعالجون النفسيين تؤثر على عقلنا الباطن مباشرة مما يجعلنا نعتقد أننا لن نتحسن أبدًا ما لم نأخذ علاجاً محدداً، بالتالي نأخذ مضادات الأكسدة لمنع المرض، لكننا ننسى أهم شيء على الإطلاق أن جسدنا كائن حي عالي الذكاء يعمل من تلقاء نفسه دون تدخلنا.
مضادات الأكسدة في العسل
تمّ دراسة مضادات الأكسدة الموجودة في العسل على نطاق واسع على الرغم من عدم إتفاق العلماء على ذلك بعد، لأن العسل خليط مُعقد للغاية يحتوي على مكونات تشارك في كل من العمليات الفسيولوجية المؤكسدة / المضادة للأكسدة منها: بيروكسيد الهيدروجين، النتريت، النترات، الجلوكوز، أوكسيديز الجلوكوز، الحديد، النحاس، الكلور، اليود، الكاتلاز، التيروزين، التربتوفان، الأرجينين، الفلافونويد، أحماض الفينول، منتجات تفاعل ميلارد وميار، كما أن درجة الحموضة غير مستقرة… إلخ.
أهم مضادات الأكسدة الموجودة في العسل:
• البوليفينول: مركبات الفلافونويد الفلافونول، والأحماض الفينولية، ومضادات الأكسدة، ومشتقات حمض سيناميك.
• فيتامين ج و هـ.
• الإنزيمات: الكاتلاز ، والبيروكسيديز، والجلوكوز أوكسيديز.
• الكاروتينات.
• الأحماض العضويّة.
• الأحماض الأمينيّة والبروتينات.
• منتجات تفاعل ميلارد في العسل المبستر.
في العسل تعمل مضادات الأكسدة هذه بشكل تآزري، حيث قام العلماء بفصل الفلافونويد والأحماض الفينولية عن العسل واختبروها في المختبر، فأنتجت جزءًا فقط من نشاط مضادات الأكسدة في العسل، فاستنتجوا أن عمل مضادات الأكسدة يكون بشكل تآزري ليزيد من كفاءة وجودة العسل.
هل تحتوي جميع أنواع العسل على نفس مضادات الأكسدة؟
قطعاً لا.
فمحتوى مضادات الأكسدة يعتمد على عدة عوامل منها: نوع النحل، المصدر، الموسم، الطقس، البيئة وطريقة المعالجة، فعلى سبيل المثال، يحتوي العسل الداكن على مضادات أكسدة أعلى من العسل فاتح اللون.
ما هي أنواع العسل التي تحتوي على أقوى مُضاد للأكسدة؟
يعتمد ذلك على مصدر العسل، فكلما كان العسل داكنًا زادت قدرته المضادة للأكسدة، إذ يعتقد أن مادة البوليفينول هي أهم مضادات الأكسدة الموجودة في العسل، وبما أنّ العسل الداكن هو الذي يحتوي على أكبر كمية من مادة البوليفينول فهو يعتبر أقواها، باستثناء بعض أنواع العسل الأفتح نسبيًا مثل عسل أربوتوس من جنوب أوروبا، وعسل الخشب الحامض من ماليزيا.
فيما يأتي أنواع العسل الداكن الذي يحتوي على مضادات أكسدة قويّة:
• عسل الحنطة السوداء
• عسل استراغالوس أو القتاد الجبلي
• عسل هيذر أو كالونا
• عسل المن
• مانوكا
• عسل شجرة الفراولة
• عسل الكستناء
• عسل تولانج
• عسل الخروب أو سيراتونيا
• عسل النعناع
ملاحظة
ما تجدّر الإشارة إليه، أنّ العسل الداكن الموجود في البقالات اكتسب لونه القاتم بسبب عملية التسخين وليس بسبب احتوائه على نسبة عالية من مادة البوليفينول.
ترتبط الوقاية من العديد من الحالات المرضية المزمنة والمتعلقة بالعمر، مثل: السرطان، والسكري، وتصلب الشرايين، وإعتام عدسة العين وغيرها من الحالات المرضية المزمنة بنشاط المضاد للأكسدة، إذ تعمل الخصائص المضادة للأكسدة في العسل كمضاد للاكتئاب أثناء الضغط النفسي والجسدي والفكري، إذ يتم تضمينه أيضًا في النظام الغذائيّ اليوميّ لأعضاء المحطات الفضائية المدارية ورواد الفضاء والغواصين.
بشكل عام، ترتبط الخصائص المضادة للأكسدة ووقاية الكبد بشكل جيد مع بعضها البعض، حيث حماية الكبد مرتبطة بتقليل الجذور الحرة. (ستيفان بوجدانوف، 2014)
يقول الباحث هيدرن غروس من جامعة كاليفورنيا – دافيس وزملاؤه: أنّ مُضادات الأكسدة تحمي البشر من الأمراض فهي تعمل على إزالة الجذور الحرة، وهي مركبات غير مستقرة يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا السليمة وتضر بوظائفها، لذا تُبطىء مضادات الأكسدة الأمراض الخطيرة المحتملة في الجسم.
يقول ديريك د.شرام وآخرون، من قسم التغذية والطب الباطني في جامعة كاليفورنيا، في دراسة تم نشرها في عام 2003م أنّ العسل الذي يحتوي على مستويات عاليّة من مُضادات الأكسدة يمكن أن يوفر الحماية للأشخاص الين يتمتعون بصحة جيدة، وأنّ استبدال العسل في بعض الأطعمة الخاصة بالمُحليات التقليدية يؤدي إلى تعزيز نظام الدفاع المضاد للأكسدة لدى البالغين الأصحاء.
هل تتأثر مضادات الأكسدة بالوقت وبعملية البسترة؟
يتواجد العسل بشكليه الخام أو المُبستر، فالعسل الخام هو الذي يتم جمعه وتصفيته دون أن تتم معالجته بأي شكل من الأشكال، أمّا بالنسبة للعسل المُبستر فيتم تدمير الكائنات الحية الضارة و الخميرة الموجودة فيه أو لمنع تكوين بلورات العسل باستخدام الحرارة العالية، لذا يجب التنويه، أنّ لون العسل الداكن قد يكون بسبب عمليّة البسترة، وبالعادة يتم بيعه بالبقالات.
تفاعل ميلارد
يتم تفاعل الفركتوز والجلوكوز الموجودان بالعسل مع البروتينات الحرة بوجود عامل الحرارة لتتشكل أصباغ بنية اللون يُطلق عليها بمنتجات تفاعل ميلارد، وهذا يجعل العسل داكنًا ويفقده كمية من مضادات الأكسدة الموجودة في العسل.
البسترة وتأثيرها على العسل
قام الباحث وانغ من جامعة إلينوي بالإضافة إلى آخرين في عام 2004م، بدراسة تأثير المعالجة الحرارية على مضادات الأكسدة في عسل الحنطة السوداء وعسل البرسيم، فكانت النتيجة أنه لم يكن للبسترة أي تأثير على عسل البرسيم بينما في عسل الحنطة السوداء قلّت قدرته المضادة للأكسدة بنحو الثلث مقارنة بعسل الحنطة السوداء الخام، وقد أوضح العلماء أن هذا الأمر يرجع لكون العسل يختلف بتراكيبه وتحلل بعضها بشكل أقل أثناء البسترة، حيث أدّت البسترة إلى زيادة مستويات مضادات الأكسدة كيرسيتين والغالانغين في عسل البرسيم، وخفض كمية الغالانغين في عسل الحنطة السوداء.
ومن ناحية أُخرى، يؤثر الوقت أيضًا على مستوى مضادات الأكسدة، فبعد 6 أشهر من جمع العسل يكون مستوى مضادات الأكسدة هو الأعلى قياساً، بينما بعد 6 أشهر من التخزين تكون القدرة المضادة للأكسدة لعسل الحنطة السوداء الخام والمبستر متشابهة.
ينخفض كل من المحتوى الفينولي والقدرة المضادة للأكسدة في العسل بشكل ملحوظ بعد عام واحد من التخزين في درجة حرارة الغرفة (Sariq G ، 2012).
الاستنتاج:
• يعتبر الغذاء الطبيعيّ أفضل مصدر للحصول على مضادات الأكسدة.
• يحتوي العسل على كميات مثاليّة من مضادات الأكسدة والمواد الأخرى اللازمة للجسم.
ملاحظة
يوصى بتناول مضادات الأكسدة لتقوية جهاز المناعة لديك في حال كنت تعاني من نزلة برد أو أنفلونزا، بينما لا ينصح بتناول مضادات الأكسدة في حال الإصابة بأمراض أخرى، كالسرطان؛ لأنها تلعب دوراً عكسيّاً.